الاثنين، 6 أبريل 2009

فلسفة التحول إلى إدارة الموارد البشرية



تتعامل إدارة الموارد البشرية مع أهم عنصر من عناصر الإنتاج وأكثر الموارد عرضة للتأثر فهذه الإدارة تتعامل تخطيطا وتنظيما وتوجيها ورقابة مع الفرد في المنظمة، الذي يعتبر المحرك للنشاطات الأخرى إضافة إلى أن إدارة الموارد البشرية تمتلك مفاتيح نجاح المنظمة كونها تدير المورد البشري الذي لا نظير له إطلاقا ولا يمكن تقليده من قبل المنظمات المنافسة ، وهنالك إجماع على أن المنظمة بإدارة الموارد البشرية ومن خلالها تتمكن من إحراز العديد من المزايا التنافسية لمواجهة التحديات البيئية والاستمرار والبقاء. إن هذه الإدارة ينصب عملها حول الفرد العامل من سوق العمل وحتى انتهاء علاقته بالمنظمة.

" إن إدارة الموارد البشرية التي يرمز لها ب HRM هي الإدارة الفعالة للأشخاص في العمل. و تقوم هذه الإدارة بما يتوجب القيام به لتجعل العاملين أكثر إنتاجية وأكثر وفاء بمتطلبات العمل".

فرضيات إدارة الموارد البشرية

تقوم هذه المدرسة على الافتراضات الآتية:

· تعمل المنظمة في بيئة تعتمد عليها في الحصول على مواردها ومنها الموارد البشرية.

· في محاولتها للتكيف مع حركة البيئة تحتاج المنظمة إلى إدارة متخصصة تتابع حركة الموارد البشرية خارج المنظمة وداخلها.

· لتحقيق حالة التكيف مع التغيرات البيئية على الإدارة المتخصصة بالموارد البشرية تركز على المواءمة الداخلية وكيفية تحقيق الاستخدام الأفضل للموارد البشرية في المنظمة والمواءمة الخارجية وكيفية الاستجابة للمتطلبات البيئية.

· للاستجابة للمتطلبات البيئية فعلى تلك الإدارة أن تضع في حسابها التنوع في أهدافها الاقتصادية والاجتماعية والقانونية والأخلاقية.

· إن الموارد البشرية في المنظمة كلفة وميزة في الوقت ذاته وعلى إدارة الموارد البشرية أن تحقق أفضل توازن بين الكلفة والميزة وذلك بتركيزها على الاستخدام الكامل للموارد البشرية، ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

· تخضع حركة الفرد من البيئة إلى المنظمة وداخل المنظمة ومنها إلى البيئة لإشراف ومتابعة إدارة متخصصة تعرف بإدارة الموارد البشرية.

والملاحظ من هذه الافتراضات أن مدرسة الموارد البشرية لا تهتم بالموارد البشرية كأفراد عاملين داخل المنظمة فقط وإنما كأحد الموارد التي يمكن أن تضيف للمنظمة ميزة جديدة من مزاياها التنافسية.


إن العمال الموهوبين للعديد من المنظمات هم حجر الزاوية للميزة التنافسية التي تعتمد الأفكار لخدمة الزبائن، وحتى المنظمات التي لا تدخل في حيز المنافسة أصبح الحصول على أفضل العمال والمهارات مصدرا رئيسيا للأداء وحل المشاكل والتطور

النشأة ومراحل التطور:

إن إدارة الموارد البشرية نشأت وتطورت ووصلت إلى ما وصلت إليه ضمن مراحل تاريخية عبر مخاض تاريخي وحقب زمنية، ويعتبر التصنيع نقطة الانطلاق المهمة التي نبهت إلى ضرورة إعادة النظر بكيفية إدارة الموارد البشرية، حيث أن ظهور المنظمات الصناعية وتنوع أنشطتها وتقدم التركيبة المهارية والثقافية للعاملين كانت ابرز العوامل الحاسمة لظهور حقول إدارية متخصصة ومنها إدارة الموارد البشرية التي بدأت بتسمية إدارة الأفراد وتطورت إلى إدارة الموارد البشرية الإستراتيجية المعاصرة .

وقد تزامنت هذه التطورات مع تطورات خاصة بميدان العمل كان أهمها:

· التغير في مستوى المعيشة.

· طلب تقليص وقت العمل.

· تحسن المستوى الثقافي العام وللعاملين بوجه خاص.

· زيادة وعي العاملين في المطالبة بحقوقهم.

· تغير تركيبة الموارد البشرية وتقدم مستوياتهم المهارية .

· التوجه الكبير بأتجاه الكفاءة والإنتاجية.

· إدراك المنظمات للحاجات البشرية للعاملين .

· التغير في عوامل البيئة الخارجية السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية والثقافية.

قادت هذه التغيرات إلى تحفيز أفكار جديدة كانت بداياتها بإدارة الأفراد التي بدأت بوظائف محددة توسعت وتطورت مع تطور الفكر الإداري بشكل عام.
وقد مرت العلاقة بين الإدارة والعاملين بمراحل تاريخية كان من أبرزها حركة الإدارة العلمية في القرن العشرين التي أسسها تايلر وحركة العلاقات الإنسانية، والعلوم السلوكية، وفلسفة الرخاء الاجتماعي أساس دولة الرفاهية .فقد عمدت حركة الإدارة العلمية إلى استخدام المنهج العلمي في تحديد مواصفات الأعمال والإنسان والوقت والحركة من خلال خضوع العمال للرقابة الدقيقة لتحديد تلك المعايير سلفا فكان الجهد الإنساني هدفا لزيادة الأرباح والإنتاجية لذلك كان العمال في هذه المرحلة متساوين مع عناصر الإنتاج الأخرى مثل الرأسمال والمعدات والموارد الطبيعية . . وكان التركيز على أن الإنسان رجل اقتصادي هدفه الحصول على المال ولذلك انحصرت وظيفة إدارة الأفراد في المنشآت على نشاطات التوظيف والتدريب والصحة والسلامة. لكن تجاهل أهداف العمال أدى إلى ظهور مدرسة جديدة بعد 1920 هي مدرسة العلاقات الإنسانية بدأ تأثيرها يأخذ مداه في تطوير إدارة الأفراد استنادا إلى تجارب الهاوثورن فبزغت مؤشرات جديدة للتعامل مع العاملين تجلت في أن إنتاجية العامل لا تتقرر فقط بأسلوب الأجر والعمل بل بالعوامل الاجتماعية والنفسية فنظرت هذه الحركة الإنسانية على أن العامل مورد ثمين في المنظمة إضافة لأمتلاكه حاجات وتطلعات وأحاسيس تتأثر بنمط القيادة وبالعلاقات مع مجموعات العمل. ومع هذا التحول الرئيس الذي حل بالفكر الإداري تجاه العاملين إلا أن النتائج كانت محدودة عمليا لاسيما في مجال الإشباع والرضا الوظيفي وزيادة معدلات الأداء والإنتاجية لأسباب عديدة، ولكن أهمها هو أن إشباع جميع حاجات العاملين غاية لا تدرك، ثم أن هنالك حاجات تتقاطع مع أهداف المنظمة، ومن يقول أن العامل السعيد هو عامل منتج على طول الخط؟.. أن الحاجات الإنسانية غير متماثلة فما يحفزك قد لا يحفز غيرك بنفس الدرجة، ثم أن هذه المدرسة قد تجاهلت التنظيم الرسمي. وبناء على تلك المآخذ لم تعد فلسفة العلاقات الإنسانية مهيمنة على التفكير الإداري منذ عام 1970 .

تعريف إدارة الموارد البشرية

بعض تعريفات إدارة الموارد البشرية:

· تعريف :Schuler هي مجموعة وظائف وأنشطة تستخدم لإدارة الموارد البشرية بطريقة بعيدة عن التحيز وبشكل فعال لخدمة الفرد والمنظمة والمجتمع في بيئة معينة.

· تعريف :Michael Pooleهي العملية الخاصة بأستقطاب الأفراد وتطويرهم والمحافظة عليهم في إطار تحقيق أهداف المنظمة وتحقيق أهدافهم.

التحول من إدارة الأفراد إلى إدارة الموارد البشرية:

يجب التفريق بين وظيفة الأفراد كجزء من مهام الإدارة وبين إدارة الأفراد كجهاز أو دائرة متخصصة في المنظمة. وقد بدأ الاهتمام بإنشاء إدارات متخصصة في إدارة الأفراد أو القوى العاملة نظرا لقصور مناهج الإدارة العلمية أو العلاقات الإنسانية في الاهتمام بقضايا الأفراد وتحقيق أقصى إنتاجية ممكنة، وتطوير الأفراد وحل مشاكلهم وتقوية علاقات التعاون بينهم وبين رؤسائهم وتحقيق أهداف المنظمة من حيث الإنتاجية وبلوغ النمو المطلوب للأعمال والأفراد إذ أن الأفراد هم أهم عنصر إنتاجي في المنظمة.. ومع ذلك ظلت إدارة الأفراد تفتقر للتوازن والتناسق بين تطلعات العاملين وتطلعات وأهداف المنظمة، صحيح أن إدارة الأفراد تقدم بعض الخدمات، ولكن ذلك يأتي من منطلق تحقيق الربح والإنتاجية في المقام الأول وليس من منطلق الاهتمام بالإنسان كعنصر متميز عن بقية عناصر الإنتاج الأخرى. ومما يؤخذ على دور إدارة الأفراد في المنظمة إن أنشطتها تفتقر إلى التنسيق والتكامل والانسجام مع أنشطة الإدارات الأخرى في المنظمة، فقد تتخذ القرارات والممارسات من قبل إدارة الأفراد بشكل يؤثر سلبا على الوظائف الأخرى في المنظمة دون التفكير في النتائج المترتبة على الوظائف الأخرى.
وتلافيا لذلك القصور في التعامل مع الأفراد في المنظمة وتوافقا مع التطورات المتواصلة للفكر الإداري المعاصر المتمثلة في الإبداع وإبراز قدرات ومواهب الأفراد وطاقاتهم الفكرية برز في السبعينات مفهوم جديد هو إدارة الموارد البشرية. H.R.M

ويبدو أن هنالك عوامل اقتصادية اجتماعية إدارية تكنولوجية قد أسهمت في تكوين ونشر إدارة الموارد البشرية و أهمها:

1) العوامل الاقتصادية:

· ضرورة رفع كفاءة الإنتاجية للعاملين.

· تزايد كلفة العنصر البشري.

· ضغوط لتخصيص تكاليف الإنتاج والعمالة.

2) العوامل الاجتماعية:

· تنوع مصادر العمالة وارتفاع مستواها الثقافي.

· تزايد احتياجات العاملين وتغير تطلعاتهم.

· تشريعات الضمان العمالية إضافة إلى تأثير النقابات العمالية.

3) العوامل التكنولوجية:

· تغيرات تكنولوجية متسارعة

· تكلفة المعدات والآلات.

· تطور الاتصالات والمعلوماتية.

4) العوامل الإدارية:

· استخدام الكومبيوتر والمنطلقات والأساليب الجديدة للتعامل مع الأفراد بعد التطورات الإدارية في أساليب ونظريات القيادة والحوافز والإدارة بالأهداف، وأنظمة حلقات الجودة، وبرامج إدارة الجودة الشاملةTQM مما فرض منطلقات نوعية مستحدثة في إدارة العمل والبشر معا .

فلسفة التحول إلى إدارة الموارد البشرية:

تتوضح هذه الفلسفة في النقاط الآتية:

· الإنسان المنتج أهم عنصر استراتيجي في المنظمة.

· إدارة الموارد البشرية شريك أساسي في عملية التخطيط والتطوير المتكامل.

· إن أهداف المنظمة لا يمكن تحقيقها إلا من خلال أفراد مؤهلين وروح معنوية عالية ورضا عن العمل وتفهم تام لاحتياجاتهم.

· أهداف المنظمة وأهداف العاملين ليست متناقضة وان إدارة المنظمة تستطيع تحقيق هذه الأهداف من خلال المواءمة ومن خلال تصميم الوظائف والاختيار.

ولكل ذلك تصبح ( إدارة الأفراد ) جزءا من وظيفة اكبر هي إدارة الموارد البشرية لتكون في موازاة إدارة الإنتاج والتسويق والمالية .. ولتكون إدارة الموارد البشرية إدارة تنفيذية مشاركة تماما في دفع الإستراتيجيات المنظمة وتحقيق أهدافها، وليست إدارة منعزلة مستقلة أو استشارية تقدم النصح وعليها تنفيذ قرارات الإدارة العليا نصيا. إن دور إدارة الموارد البشرية لم يعد محصورا في حفظ السجلات وملفات الأفراد والممارسة الروتينية اليومية لشؤون الأفراد العاملين بل ضمان عدم تعارض قراراتها مع قرارات وخطط ونشاطات الإدارات الأخرى للمنظمة.. فتكون مشاركتها إستراتيجية متفاعلة منسجمة متوائمة حيوية شاملة خلال المنظمة، و غير مقتصرة على الاهتمام بالعاملين.

نشاطات إدارة الموارد البشرية:

ولإدارة الموارد البشرية نشاطات عديدة من أهمها:

· إبداء تكافؤ الفرص للتوظيف في المنظمة.

· تحليل العمل.

· تخطيط الموارد البشرية.

· الاختيار والتوظيف والتحفيز توجيه الموظف.

· تقييم وتعويض الأداء.

· التدريب والتطوير.

· حل المشاكل و تحسين علاقات العمل.

· سلامة وصحة العاملين.

بين إدارة الموارد البشرية وإدارة الأفراد:

ولذلك فان إدارة الموارد البشرية تختلف عن إدارة الأفراد في:

· منظور الوقت والتخطيط: ففي الوقت الذي يكون فيه منظور التخطيط لإدارة الأفراد قصير الأجل، يكون التخطيط في إدارة الموارد البشرية بأفق زمني بعيد المدى وقائم على أساس التوقعات المستقبلية ومتكاملا وذا طابعا إستراتيجيا.

· العقد النفسي: إذ تركز إدارة الأفراد على الإذعان في العقد مع الفرد بينما تركز إدارة الموارد البشرية على الولاء والانشداد للعمل.

· أنظمة الرقابة.. إذ تتميز أنظمة الرقابة بكونها داخلية في إدارة الأفراد ورسمية، بينما تكون رقابة ذاتية في إدارة الموارد البشرية.

· منظور العلاقات بين الأفراد: يكون نفعيا وجمعيا وقائم على أساس الثقة الضعيفة بالعاملين في إدارة الأفراد، بينما يكون تبادليا قائما على أساس الاحترام والثقة المتبادلة بين الإدارة والموارد البشرية.

· الهياكل والأنظمة: تتميز الهياكل والأنظمة في إدارة الأفراد بكونها بيروقراطية ومركزية وميكانيكية ، بينما تكون عضوية ومرنة في إدارة الموارد البشرية.

· الأدوار: تركز إدارة الأفراد على الأدوار التخصصية والمهنية، بينما تميل إدارة الموارد البشرية إلى التنوع والتكامل في الأدوار.

· الوظائف: تتميز وظائف إدارة الأفراد بكونها ضيقة وذات طابع اقتصادي يركز على النتائج الداخلية للمنظمة، بينما تميل وظائف إدارة الموارد البشرية بالسعة والطبيعة الخارجية (التكيف مع المتغيرات البيئية) وتتضمن الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.

أهداف إدارة الموارد البشرية على مستوى المنظمة:

تتجلى أهداف إدارة الموارد البشرية على مستوى المنظمة في:

· تساعد المنظمة في الوصول إلى أهدافها.

· الحصول على الأفراد الأكفاء.

· الاستفادة القصوى من جهود العاملين.

· تحقيق المشاركة والولاء للأفراد في المنظمة.

· تنمية قدرات العاملين بتدريبهم وتطويرهم.

· إيجاد ظروف عمل جيدة للعاملين.

· سياسات موضوعية تمنع سوء استخدام العاملين وتعرضهم للأخطار.

· إتاحة فرص العمل الجيدة للمؤهلين من العاملين للترقية والتقدم في المنظمة .


الدور الإستراتيجي لإدارة الموارد البشرية:

تأسيسا على كل ذلك فان الدور الإستراتيجي لإدارة الموارد البشرية هو من أهم أدوارها إذا لم يكن أهمها جميعا، إذ أن هذه الإدارة هي اكبر مساهم في نجاح المنظمة في مختلف القطاعات والأصعدة الحكومية والخاصة، وتعتبر شريك عمل إستراتيجي. وان العناصر اللازمة لذلك هي:

· إثراء الأداء التنظيمي.

· المشاركة في التخطيط الإستراتيجي.

· صنع القرار حول الاندماجات والاكتسابات وتقليص الحجم.

· إعادة تصميم المنظمات وعمليات العمل.

· ضمان المسؤولية المالية لنتائج الموارد البشرية.