الثلاثاء، 7 أبريل 2009

المنظمة المتعلمة



جاء كتاب البروفيسور بيتر سنجي "البعد الخامس: فن تطبيق المنظمة المتعلمة" بفكرة إيجاد المنظمة المتعلمة وتحديد الأبعاد الخمسة المطلوبة لتحويل أي منظمة من منظمة تقليدية إلى منظمة متعلمة ، فقد عرف الدكتور بيتر سنجي المنظمة المتعلمة في كتابه "البعد الخامس": بأنها: "المنظمة التي ينمي العاملون فيها قدراتهم بصورة مستمرة لتحقيق لنتائج التي يستحقونها، ويتم فيها تشجيع أفكار جديدة ومنفتحة، ويطلق فيها عنان الأهداف المجتمعة ويتعلم فيها العاملون كيف يتعلمون بصورة جماعية" ثم يتطرق الدكتور سنجي في كتابه إلى خمسة أدوات مطلوبة ليتم تحويل المنظمة التقليدية إلى منظمات إبداعية متعلمة، هذه الأدوات الخمسة هي:

  1. التفكير المنظومي.
  2. السيادة الشخصية.
  3. بناء الرؤية المشتركة.
  4. النماذج العقلية.
  5. التعلم من خلال الفريق.

تنطلق نظرية المنظمة المتعلمة وقلبها النابض نموذج التفكير المنظومي من أساس فلسفي هو إعادة الاعتبار للإنسان في دورة الإنتاج والتوقف عن اعتبار الإنسان جزء من الأدوات الرأسمالية التي تشغل وتوقف حسب أوامر الإدارة وتنتهي مشاركتها في الإنتاج بانتهاء عمرها الافتراضي.

هذه النظرية تفرض على الإدارة تبني أنماط من السلوك الإداري يختلف اختلافاً جذريا عن الأنماط التي تولدت من نظريات التحكم والسيطرة التي سيطرت على التفكير الإداري في العقود العشرة الماضية. نظرية المنظمة المتعلمة تفترض أن الإدارة يجب أن تؤمن وتطبق بإخلاص الحقوق التالية للموظف:

حق: الموظف بالمعرفة والتعلم ليس فقط للمهارات الضرورية لأداء عمله بل ويتعدى ذلك لما ينمي قدرات أخرى قد لا تكون مطلوبة لإنجاز العمل.

حق: الموظف في المشاركة باتخاذ القرار وتحمل لمسؤولية.

حق: الموظف في أن تكون بيئة العمل بيئة مناسبة له من ناحية المواءمة: الجسدية والعقلية ومن ناحية اتفاقها مع قيم الموظف التي يؤمن بها.

حق: الموظف بالشعور بالانتماء لمنظومة العمل ومنظومة المجتمع.

إن هذه النقاط الفلسفية تعطي أبعادا لتطلعات الأفراد داخل المؤسسات والمنظمات بحيث أن نظرية المنظمة المتعلمة تفترض رغبة كل شخص في بناء شيء مهم مع الآخرين ، فالمنظمة المتعلمة تعنى بالعلاقة التعاونية بين الأفراد داخلها.

إن نظرية التفكير المنظومي والتي تعتبر القلب النابض والوعاء الذي يحتوي جميع أفكار نظرية المنظمة المتعلمة، (فالتفكير المنظومي يرى الأشياء بصورة تكاملية وشديدة الارتباط) تمثل أيضاً لب النظرية الفلسفية التي جاء بها البروفيسور ديمنج حينما بدأ يدعو لتبني الجودة الشاملة، ولعل هذا ما يفسر قبول اليابانيين لها بصورة أسرع من غيرهم، فالنظرة الفلسفية والبيئية والاجتماعية السائدة في اليابان استطاعت أن تفهم نظري التفكير المنظومي. لذلك جاءت الصيحة قوية من البروفيسور سينجي من خلال نظرية المنظمة المتعلمة لرجال الإدارة بأن الوقت قد حان لإعادة النظر في مفاهيمنا وأفكارنا الفلسفية حتى نستطيع استيعاب متطلبات الجودة الشاملة .

لا يكفي أن يتعلم شخص واحد ثم يقوم بتحديد ما تحتاجه المنظمة ويتبعه الباقون، إن المنظمة التي ستنجح في المستقبل هي التي تكتشف كيف تستفيد من طاقة التعلم لدى جميع أفرادها، إذ أن علم المنظمة أكبر من مجموع علم أفرادها، إلا أن العامل الأساس هو كيف ننقل علم الفرد إلى المنظمة ككل.

(1) مفهوم المؤسسة المتعلمة:

يقول (Peter Senge) في كتابه الشهير "المنظمة المتعلمة- النظام الخامس: "لا يكفي أن يتعلم شخص واحد ثم يقوم بتحديد ما تحتاجه المنظمة ويتبعه الباقون، إن المنظمة التي ستنجح في المستقبل هي التي تكتشف كيف تستفيد من طاقة التعلم لدى جميع أفرادها، إذ أن علم المنظمة أكبر من مجموع علم أفرادها، إلا أن العامل الأساس هو كيف ننقل علم الفرد إلى المنظمة ككل".


(2)
كيف يتعلم الأفراد؟

إن التعلم يعني الحصول على المعرفة (وهي كل ما يتعلق بالجزء النظري من التعلم، أي الإجابة عن سؤال لماذا؟)، والمهارة (وهي كل ما يتعلق بالجزء العملي من التعلم، أي الإجابة عن سؤال كيف؟). ويتعلم الأفراد أثناء دوران عجلة التعلم حيث تتحول عملية التأمل إلى تشكيل تصورات أولية ثم بدء اختبار هذه التصورات انتهاء بتجريبها على أرض الواقع، ويتم تخزين ذلك في الذاكرة فيتحول مع استمرار الدوران إلى افتراضات ونظريات تساعد في كيفية التعامل مع الحياة. تسمى هذه الافتراضات والنظريات" النماذج الذهنية"، أو الصوت الداخلي في الإنسان القائل "إذا فعلت كذا.. بهذه الطريقة فهذا الذي سيحدث..". إن تجارب الحياة تشكل عقولنا ونماذجنا الذهنية، وبالمقابل تشكل تجاربنا وتفرسها لنا.

(3) كيف تتعلم المؤسسة؟

يبدأ تعلم المؤسسة عندما نتبادل معارفنا ومهارتنا مع الآخرين، علما أن في بداية وجود أي مؤسسة لا فرق بين تعلم الفرد وتعلم المؤسسة، ثم تعمل الإدارة على كتابة النظم والمعلومات أو تحويلها للحاسب الآلي أو أدلة التدريب والخطط الاستراتيجية والتعليمات ونحوها. إن معظم علم المؤسسة ومهاراتها الذي يجمع خلال سنين يبقى في الأذهان، هذا العلم تتفرد به كل مؤسسة وهو أساس نجاحها وهو أهم من العلم المكتوب. وتتشكل في داخل كل منظمة مجموعات عمل تتبادل المعلومات والقصص والمفاهيم والتجارب الجديدة بشكل غير رسمي وتدعي "مجموعات التطبيق"، حيث تعتمد قدرة الموظفين على التعلم والإنجاز على ذاكرة مجموعات التطــــبيق (أو أهل الخبرة المتراكمة).

إن قوة المؤسسة واستمرارها وتجددها تعتمد على حالة "مجموعات التطبيق" داخلها. إذن، نستطيع القول: أن المؤسسة تتعلم إذا تتعلم إذا تعلم الفرد ودارت عجلة تعلمه بسرعة وبلا مشاكل، وإذا تم تشكيل النماذج الذهنية لكل فرد وتطويرها باستمرار، وإذا تم تبادل المعلومات والمهارات باستمرار وبكفاءة عالية، وإذا تماسكت "مجموعات التطبيق" بقوة، عندها تتعلم المنظمة وتزدهر. إلا أن المؤسسات أو المنظمات قد تمرض وتموت، فعجلة التعلم قد لا تدور بكفاءة وقد تهتز أحيانا، ومن الممكن أن تتشابك خطوط الاتصال أو تنقطع، وقد تتذبذب النماذج الذهنية، وقد تتفكك مجموعات التطبيق، وقد تتوقف المؤسسة لأي سبب من الأسبا.